كم كان يوماً مرهقاً ، وقفتُ أمام شباك التذاكر وقطعتُ تذكرة ومررت من الماكينة ووقفتُ أنتظرُ المترو ، لم تمر سوى دقيقتان وكان المترو فاتحاً أبوابه لأدخل ، ركبتُ وما أن تحرك المترو إلا وقد وقف أحد الجالسين فجلست مكانه وأغمضتُ عيناى من كثرة التعب وأخذت أفكر فى صمتٍ لكن قطع تفكيرى ترديد الكثيرين عبارة "اتفضل اقعد مكانى يا حج" فقررتُ أن أفتح عيناى لأرى من هذا الحج الذى يتبارى الناس فى الوقوف له ليجلس مكانهم ، فتحتُ عيناى فرأيتُ أب يحمل طفلاً معاق ذهنياً ، جلس الأب فى المقعد الذى أمامى ، تأملتُ الموقف الجميع ينظر إلى الأب وابنه نظرة إشفاق ولكن ماذا لو سألنا الناس "ماذا لو كان هذا ابنكم؟" لكانت إجاباتهم "بعد الشر" أو "الحمد الله إن ابنى مش كده" ولكن ماذا ستكون إجابة الأب؟ إن أفعاله تجيب قبل أن يجيب لسانه ، فهو جلس واضعاً ابنه فى حضنه سانداً رأس ابنه على كتفه وكانت كلما تميل رأس ابنه يعيدها الأب ويقبلها ، كان الأب يضع اصبعه فى فم ابنه ليعض الابن صابع أبيه ولا يعض لسانه ، كان الجميع ينظر إلى الابن نظرة إشفاق أما الأب فكان ينظر إليه نظرة حب ، فى تلك اللحظة عرفتُ لماذا دعى الله البشر أنهم أبنائه لأنه يحبهم أياً كانت حالتهم ، يحبهم وهم أصحاء أو مرضى روحيين ، صالحين أو طالحين ، أبرار أو أشرار ، الله يكره الخطيئة ولكنه لا يكره الخاطئ ، يكره الفعل ولكنه يحب الفاعل ، لذلك ندعوه فى كل صلاة بدالة البنين قائلين "يا أبانا الذى فى السموات"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق