الأحد، 29 مارس 2015

كشف البهتان في كتاب سليمان - الإصدار الثاني


مقدمة
منذ فترة بعيدة قرأت كتاب "أقباط مسلمون قبل محمد" لفاضل سليمان. والكتاب مِن نشر شركة النور للإنتاج الإعلامي والتوزيع، عام 2010م. وقد قدم للكتاب الدكتور محمد عمارة. وفور انتهائي مِن قراءته كتبْتُ تعليقًا سريعًا، نشرتُ إياه على مدونتي الإلكترونية، أوضحْتُ فيه الأخطاء المنهجيّة والتاريخيّة واللاهوتيّة التي سقط فيها الكاتب، لكن حينما أعدتُ قراءة هذا التعليق مؤخرًا وجدته يحتاج إلى مراجعة وتنقيح فكان هذا الإصدار الثاني.
الجديد في هذا الإصدار
أولى تلك الأمور الجديدة في هذا الإصدار الثاني هو التوصل لأصل الصورة التي أدعى سليمان أنها تصور إلقاء الأريوسيين للسباع لتلتهمهم، وقد كانت المفاجأة أنها رسم حائط يعود للقرن الرابع الميلاديّ يصور شمشون في صراعه مع الأسود. وكذلك قمتُ بتعديل الفصل الخاص بـ "وجود الأريوسيين فى حصن بابليون أثناء الفتح العربيّ" وذلك لتحصلي على كتاب الدكتور عمر صابر وكذلك أصل الترجمة الإنجليزية لتشارلز. كما قمتُ بتعديل الفصل المعنون بـ "رسائل النَّبِيّ" وذلك لتوصلي للعديد مِن الكتب والأبحاث التي ناقشت هذا الأمر. وكذلك عدلنا الفصل الخاص بـ "عقيدة أريوس في لاهوت المسيح" حيث أضفنا فقرة أفضنا في شرح عقيدة أريوس فيها.   
أما الإضافات، فقد أضفتُ فصلاً جديدًا في قسم "الأخطاء اللاهوتية" عنونته بـ "بولس لم يناد بلاهوت المسيح ولا بالتثليث"، ناقشتُ فيه إدعاء سليمان أن بولس الرسول لم يتحدث عن لاهوت الابن صراحةً.


لتحميل الدراسة (اضغط هنا)  

الثلاثاء، 6 يناير 2015

تجسد الابن الكلمة


لماذا تجسد الابن الكلمة؟ هناك جوابان طرحهما آباء الكنيسة، الجواب الأول مشروط بسقوط آدم، فلولا السقوط ما كان التجسد، ويبدو في ذلك الجواب أن التجسد رد فعل لا فعل. بينما الجواب الثاني غير مشروط، فحتى لو لم يسقط آدم لكان الابن قد تجسد. ففي التجسد اتّحد ابن الله وكلمته أقنوميًا بالطبيعة البشرية وهكذا تألّهت هذه الطبيعة، يقول القديس اثناسيوس الرسولي: "لقد أخذ لنفسه جسدًا بشريًا مخلوقًا لكي يُجدده بصفته هو خالقه، فيؤلهه في نفسه." (ضد الأريوسيين 70:2) وهذه هي غاية الخلق: اتحاد الله بالإنسان وما كان لهذا أن يتحقق بدون التجسد، فسقوط آدم لم يضف إلا آلام المسيح وصلبه، فالتجسد هو غاية الخلق، والصلب هو نتيجة السقوط.

الله خلق الإنسان مِن منطلق محبته الإلهية، جلبه مِن اللاوجود إلى الوجود كي يشترك الإنسان في الحياة الإلهية، مِن ثمَّ خلق الله الإنسان على صورته كي يحقق مثاله، فالصورة هي الإمكانية التي منحها الله للإنسان كي يصير الإنسان مثل الله بما يناسب طبيعته وهذا ما سيتحقق في حياة الدهر الآتي التي تعلمنا الكنيسة الأرثوذكسية أننا نحياه في الدهر الآني.

في تجسد الابن الكلمة، وكما تقول ثيئوطوكية يوم الجمعة: "هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له"، في هذه العبارة شرح لسر الاتحاد المتبادل بين طبيعة اللاهوت وطبيعتنا نحن بواسطة الروح القدس، الابن الكلمة أعطانا الذي له، فماذا نحن بفاعلون؟ أنشعر بالعظمة؟ لا، تجيب الكنيسة: "نسبحه ونمجده ونزيده علوًا".

ناسوت الابن الكلمة كان يحوي البشرية كلها، يقول القديس باسيليوس: "ولكنه اقتنى البشرية مغروسة فيه ومتحدة به. فقد جمع في نفسه البشرية كلها بواسطة جسده." (عظة عن الميلاد)، ولذلك فإن ما أُعطى لناسوت الابن أعطى للإنسانية جمعاء، يقول القديس اثناسيوس: "إن كل ما كُتب فيما يختص بناسوت مخلصنا ينبغي أن يعتبر لكل جنس البشرية"  

اليوم استجاب الإله لإغواء الإنسان، فاتحد به، صارا واحدًا، تأنس الإله، وتأله الإنسان، إنه سر الحب ...
صموئيل طلعت أيوب
6/1/2015