الجمعة، 11 فبراير 2011

التقليد فى فكر بولس الرسول

أكتب هذه المقالة وأنا بين يدى الآن كتابين يتحدثان عن الفكر اللاهوتى للقديس بولس الرسول أحدهما للأب متى المسكين والآخر للدكتور موريس تاوضروس ولم أجد أحدهما كتب عن نظرة القديس بولس للتقليد لذلك قررت أن أكتب هذا المقال .  

تعريف التقليد

لقد عرف بولس الرسول التقليد حينما قال [ وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا ] ( 2 تى 2 : 2 ) وهذا هو أدق تعريف للتقليد ألا وهو التسليم فهناك أشياء لم يدونها الرسل فى العهد الجديد ولكن سلموها لأخرين وهؤلاء سلموها لما بعدهم حتى وصلت إلينا .


أنواع التقليد


ذكر بولس الرسول نوعى التقليد المكتوب والشفهى حين قال [ فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ(الشفهى) أَمْ بِرِسَالَتِنَا (المكتوب) ] ( 2 تس 2 : 15 ) وكلمة التعاليم الواردة فى أصلها اليونانى تعنى تقاليد ولذلك تُرجمت بالانجليزية traditions وليس teachings راجع KJV و NET BIBLE .


ممارسة التقليد

لم يكتفى بولس الرسول بتعريف التقاليد وذكر أنواعها بل أعتمد عليها حين قال [ وَكَمَا قَاوَمَ يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذلِكَ هؤُلاَءِ أَيْضًا يُقَاوِمُونَ الْحَقَّ. أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ مَرْفُوضُونَ ] ( 2 تى 3 : 8 )


فنحن لا نجد اسمى اسمى ينيس ويمبريس مدونين فى العهد القديم ، ولكننا نرى بولس يشير إليهما كمقاومين لموسى ، فبولس هنا ينقل تلك الأسماء عن التقليد الشفاهى اليهودى حيث أنهما اسما المقدمين فى مجموعة السحرة المصريين فى قصة الخروج .


مدح محافظى التقليد


مدح بولس الرسول من يحفظ التقليد حين قال [فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ ] ( 1 كو 11 : 2 ) وكلمة التعاليم الواردة فى أصلها اليونانى تعنى تقاليد ولذلك تُرجمت بالانجليزية traditions وليس teachings راجع NET BIBLE .


مصدر التقليد

يقول القديس بولس الرسول [لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا ] ( 1 كو 11 : 23 ) وهذا ما تشير إليه الكنيسة حين تتكلم عن التسليم الرسولى [الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ ] ( يه 3 )
إذاً المصدر هو المسيح وقد سلمه بنفسه للرسل ، والرسل سلموا تلك المعرفة إلى الكنيسة كلها .


فى هذه المقالة أردت أن أوضح فكر القديس بولس الرسول تجاه التقليد ، رداً على من يقول أن التقليد ليس له مرجع رسولى .

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

صحة القيامة (1) - ما الذى غيرهم ؟




قرأت بعض الكتب التى تتحدث عن أهمية وقوة الاختبار المسيحى كان أخرها كتاب جوش مكدويل " ثقتى فى الاختبار المسيحى " الذى ترجمه الدكتور القس منيس عبد النور ، ورغم أن الكتاب أورد العديد من الاختبارات الجميلة إلا أنه لم يورد أهم إختبار ألا وهو إختبار التلاميذ ، يفتتح المؤلف فصله الأول من الكتاب بمقولة برنارد رام Bernard Ramm فى كتابه Protestant Christians Evidences :


[ كل شئ حقيقى يحدث يجب أن يمس الحياة والاختبار مساً مباشراً .. ونشك فى أنه كان يمكن أن يكون للمسيحية كل هذا التأثير الذى لها على ملايين الناس ، لو أنها لا تمس الحياة والاختبار مساً مباشراً . إن للمسيحية براهينها الفقهية والفلسفية ، ولكن برهانها الأعظم هو تأثيرها القوى فى الاختبار البشرى ]


فعلاً فلو لم تكن القيامة حدثاً حقيقياً ما كان لها هذا التأثير على التلاميذ ، فنرى الشكاك والهارب والناكر صاروا شجعان مكرزين بالقيامة مقدمين حياتهم لما يكرزوا به ، فلا يمكن أن يكون سبب تحولهم هذا وهم أو خيال !!!


هذا هو الدليل فى نظرى على صحة القيامة ، فلا توجد إجابة منطقية مقنعة أخرى غير التى قدمناها لهذا السؤال ما الذى غيرهم ؟


قدم وليام لين كريج أربعة حقائق تتعلق بقيامة المسيح كانت الحقيقة الرابعة هى :


[الحقيقة الرابعة و الأخيرة: التلاميذ تحولوا بشكل مفاجىء و مخلص إلى الإعتقاد بأن يسوع قد قام من الموت، بدلاً من أن يكون لديهم إستعداد تام لقبول العكس.

أنظر إلى الموقف التالى الذى واجهه التلاميذ بعد صلب يسوع:

• لقد مات قائدهم، و التوقعات اليهودية المسيانية لم تنبأ بمسيحا يُعدَم عاراً بواسطة أعداء اسرائيل، بدلاً من أن ينتصر عليهم.


• بحسب شريعة العهد القديم، فقد كان إعدام يسوع بهذا الشكل يعنى أنه مهرطق، ملعون من الله.


• الإعتقاد اليهودى فى الحياة بعد الموت، يستقصى قيامة أى شخص من الموت إلى المجد و الخلود قبل القيامة العامة من الموت فى نهاية العالم.


و مع ذلك، أصبح التلاميذ معتقدين بقوة أن الله أقام يسوع من الموت، حتى أنهم كانوا مستعدين للموت عن هذا الاعتقاد. ]


+ وليام لين كريج: هل قام يسوع حقاً من الموت ، ترجمة فادى اليكساندر  

حسناً نعود لنحاول أن نجيب على السؤال ما الذى غيرهم ؟


هم (أى التلاميذ) أجابوا على هذا السؤال قائلين أن المسيح قام من بين الأموات فإما أن نصدقهم أو أن نجد تفسيراً منطقياً أخر لسبب تغيرهم ، وإن لم نجد فعلينا أن نقبل إجابة التلاميذ .


حاول الناس منذ القدم تقديم تفاسير لسبب تغير التلاميذ ويمكننى أن أقسم هذه التفاسير إلى قسمين :


الأول : هو أن التلاميذ خُدعوا حين وجدوا القبر فارغاً .


وحاولوا تفسير القبر الفارغ بأن يوسف الرامى نقل الجسد دون علم التلاميذ فظنوا أن المسيح قام ، بل واختلفوا أصحاب هذا التفسير فيمن نقل الجسد فأحياناً يقولون يوسف الرامى وأحياناً الجند الرومان وأحياناً اليهود أنفسهم ، والبعض يقول أن النسوة أخطأن القبر فذهبوا لقبر فارغ وأشاعوا قيامة المسيح .


الثانى : هو أن التلاميذ خدعوا الجميع بسرقة الجسد .


وهنا هم يفسروا القبر الفارغ بأن التلاميذ سرقوا الجسد ثم أشاعوا بين الناس أن المسيح قام من بين الأموات ، وهذا هو أقدم تفسير نقدى للقبر الفارغ فقد نادى به الحراس [ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً قَائِلِينَ: " قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. " وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ . فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ]
(متى 28 : 11 - 15)

ويمكننى أن أقدم خمسة أدلة على خطأ هذا التفسير وهم :

1- يقول القديس أغسطينوس عن هؤلاء الجنود [ أنهم إما كانوا نائمين أو مستيقظين ، فلو كانوا مستيقظين لما سمجوا بسرقة الجسد ، ولو كانوا نائمين لما أستطاعوا أن يحكموا لما أستطاعوا أن يحكموا بأن الجسد قد سُرق ، وأن سارقيه هم التلاميذ . فإن النائم لا يدرى بما يحدث من حوله ! إنها أكذوبة تهدم نفسها ، إذ أن نصفها الأول يُكذب نصفها الثانى لأن الحراس النائمين لا يمكنهم معرفة ما حدث . لقد كان العذر الذى ساقه العسكر عذراً سخيفاً ، فكيف ينام كل الحراس ؟ وكيف ينامون كلهم ونوبة الحراسة هذه هامة لأن هناك تحذيراً مسبقاً من إحتمال سرقة الجسد ؟ ]


+ جوش مكدويل: برهان يتطلب قراراً ، ص 285


2- كيف استطاعوا أن يحركوا الحجر الثقيل دون أن يستيقظ الحراس ؟؟!!


3- دعونا نفكر بالمنطق فإن التلاميذ الذين هربوا وأحدهم أنكر معرفته بالمسيح يتحولوا فجأة لشجعان يقرروا سرقة جسد معلمهم من القبر الذى يحرسه الجند الرومان الأقوياء ويكسروا الختم التى كانت عقوبة كسره القتل فى وضع مقلوب ؟؟!! إن هذا الكلام يجعلنا نسأل ما الذى غيرهم ؟


4- احتمل التلاميذ كل تعذيب لأجل بشارة القيامة ، حتى الموت ، ومع ذلك لم يتراجع واحد منهم أمام التعذيب ليعترف أن القصة ملفقة ؟؟!! لقد احتملوا كل ضرب وجلد وسجن وجوع وموت دون أن ينكر أحدهم حقيقة القيامة !!


5- من سيسرق الجسد ما الذى يجعله أن يفك الأكفان الملتصقة بالجسد ويضعها مرتبة مكان الجسد ؟؟ يقول القديس يوحنا ذهبى الفم أن الذى يسرق كان سيأخذ الجسد ملفوفاً بأكفانه ، لا لكى يستر الجسد العزيز عليه بل ليسرع بالجسد ملفوفاً حتى لا يلقوا بالقبض عليه . إن المر يُلصق الكفن بالجسم ، فلم يكن هناك وقت لتخليص الجسد من كفنه ، إن قصة سرقة الجسد غير معقولة .


+ جوش مكدويل: مرجع سابق ، ص 286 : 287


6- رغم أن هذه النظرية نادى بها اليهود منذ القدم إلا أنهم تراجعوا عنها فى الأونة الأخيرة يقول ألفريد إيدرشيم ( اليهودى الذى صار مسيحياً ) أن الكتاب اليهود استبدلوا نظرية سرقة الجسد بنظرية الرؤيا Vision Hpothesis


+ Alfred Edersheim: Jesus The Messiah, P. 633


( سأناقش هذه النظرية والرد عليها مترجماً رد العالم وليام لين كريج فى مقال سينشر قريباً إن شاء الله )


يقول ولبر سميث أن كثيرين من علماء اليهود اليوم يرفضون فكرة سرقة التلاميذ للجسد بما فيهم كلاونز اليهودى الذى قال أن التلاميذ كانوا أشرف من أن يأتوا بمثل هذه الخديعة .


+ جوش مكدويل: مرجع سابق ، ص 289


إذن التفسير الثانى غير مقبول فماذا عن التفسير الأول ؟؟


يُتبع فى الجزء الثانى من السلسة [ صحة القيامة (2) – القبر الفارغ ] سُينشر قريباً جداً بإذن الله .


الخميس، 3 فبراير 2011

قضية التحريف


لتحميل البحث pdf (هنا)


موضوع تحريف العهد الجديد ، لا يخلو منه كتاب يهاجم المسيحية بل نجد هناك كتباً كاملة تتحدث عن هذا الموضوع ، و وجدت فى الآونة الأخيرة العديد من هذه الكتب اعتمدت على النقد النصى فى اتهامها للعهد الجديد بالتحريف ، لذلك قررت ان اكتب هذا المقال عن قضية التحريف .


فى البداية أريد أن أوضح ماهية الكتاب المقدس وعلاقته بالايمان ، فالكتاب المقدس هو شاهد للايمان وليس إيماناً فى ذاته ، وهذا ما يؤكده الكتاب ذاته " وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ " ( 1 كو 15 : 17 ) أى أن الايمان المسيحى مبنى بشكل مباشر على (الحدث) لا على (النص) ، يقول اللاهوتى الأرثوذكسى الأب جورج فلورفسكى [ الإنسان لا يكتسب فائدة من الأناجيل ما لم يكن أولاً فى حب مع المسيح ، لأن المسيح ليس نصاً ، بل شخص حى يقيم فى جسده ، أى الكنيسة ]


+ الأب جورج فلورفسكى: الكتاب المقدس والكنيسة والتقليد ، ص 15


ولذلك نحن نهتم برسالة العهد الجديد لا بحرفه ، لذلك اهتم الكتاب بروح النص لا حرفه " حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ " ( رو 7 : 6 ) " الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي " ( 2 كو 3 : 6 ) ، ونفس الفكر نجده عند الآباء ، يقول القديس إيلاريون [ الكتاب المقدس ليس بقراءته بل بفهمه ]


+ الأب جورج فلورفسكى: مرجع سابق ، ص 19


ويعلق الأب جورج فلورفسكى على مقولة القديس إيلاريون قائلاً [ فنحن لا نهتم بالحرف بل بالرسالة ]


+ المرجع السابق


فهذا النص (العهد الجديد) ما هو إلا شاهد للحدث وليس هو الشاهد الوحيد ، قد تسأل كيف ؟ فدعنى أجيبك ....


نحن المسيحيون الأرثوذكس نؤمن أن الايمان (الحدث) له شاهد واحد هو التقليد ، والكتاب المقدس هو جزء من هذا التقليد .

وهذا هو ما فعلته الكنيسة منذ القدم ، يقول توماس تورانس T. F. Torrance :


[ كان ق. أثناسيوس يعتبر أن الآباء فى مجمع نيقية لم يبتكروا شيئاً جديداً ، بل إنهم تنفسوا روح الكتب المقدسة واعترفوا بالايمان الالهى والرسولى بدقة شديدة ، حتى أنه ( ق. أثناسيوس ) استطاع بعد سنوات كثيرة أن يكتب إلى أساقفة افريقيا ويقول: " إن كلمة الرب التى جاءت عن طريق مجمع نيقية المسكونى باقية إلى الأبد " ، ولم يكن يعنى بهذا أن الله قد أعطى لأساقفة نيقية كشفاً جديداً ، بل إنهم كانوا فقط أداة فى يد الله ، وذلك بتسليمهم (لمن بعدهم) ـ بشكل صادق وأمين ـ كلمة الله ذاتها ، وهى عينها التى كانوا قد تسلموها بأنفسهم من تعاليم الرسل فى الكتب المقدسة فيما يتعلق بالله الآب والابن والروح القدس . وفى الواقع كان التقليد الرسولى ، والتعاليم المعطاة فى الكتب المقدسة ، بالنسبة للقديس اثناسيوس شيئاً واحداً تماماً ، حيث لا يوجد عدة تقاليد للحق سواء مكتوبة أو غير مكتوبة ، بل هو التقليد الواحد المُتضمن فى الكتب المقدسة المُعترف بها ، وهو إيمان الكنيسة الحقيقى الذى استلموه ، والذى كان عليهم أن يحافظوا عليه ويسلموه مرة أخرى. ]


+ توماس ف. تورانس: الايمان بالثالوث ـ الفكر اللاهوتى الكتابى للكنيسة الجامعة فى القرون الأولى ، ترجمة: د. عماد موريس اسكندر ، ص 19




( سأناقش موضوع التقليد بالتفصيل فى مقال سينشر قريباً إن شاء الله )


ما الهدف من هذه المقدمة الطويلة عن ماهية الكتاب المقدس ؟


الهدف منها هو توضيح أن أهمية الكتاب المقدس تكمن فى رسالته لا حرفه ، وهذا ما يتميز به الكتاب المقدس ، فالايمان ليس قائم على نص ( آية ) فى رسالة الكتاب ، بل قائم فى الرسالة كلها ، فحتى إذا قمنا بحذف نص من هذه الرسالة سيظل محتوى الرسالة ومعنى الرسالة ثابت ، ودعونا نرى مثال لكلامنا :


آية ( 1 يو 5 : 7 ) " فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. "


هذه الآية غير أصلية كما يؤكد علم النقد النصى ، فهل معنى ذلك أن عقيدة التثليث والتوحيد قد انهارت ؟؟ بالتأكيد لا فهناك عشرات النصوص فى العهد الجديد التى توضح الثالوث القدوس وكل هذه النصوص لا خلاف على أصالتها طبقاً لعلم النقد النصى مثل :


1- " فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ."


( متى 28 : 19 ) لمعرفة مدى أصالة هذه الآية أقرأ كتابنا ( أصالة صيغة التعميد باسم الثالوث ) وتجده على المدونة .
2- وحدة الآب والابن :
" أنَا وَالآبُ وَاحِدٌ " ( يو 10 : 30 )


" أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ " ( يو 14 : 10 )
وهاتين الآيتين ليسا عليهما اختلاف فى النقد النصى ، فهما مثبتتين فى الاصدارات النقدية مثل UBS4 ، Westcott & Hort والترجمات النقدية الحديثة مثل NET Bible ونص الأغلبية Byzantine Textform
3- وحدة الروح القدس والآب


" لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ " ( متى 10 : 20 )


هنا الروح القدس يُدعى روح الآب ، وهذه الآية لا خلاف عليها طبقاً لعلم النقد النصى فهى مثبتة فى الاصدارات النقدية مثل UBS4 ، Westcott & Hort والترجمات النقدية الحديثة مثل NET Bible ونص الأغلبية Byzantine Textform
4- وحدة الروح القدس والابن


" أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ " ( غلا 4 : 6 )


وهنا الروح القدس يُدعى روح الابن ، وهذه الآية أيضاً لا خلاف عليها طبقاً لعلم النقد النصى فهى مثبتة فى الاصدارات النقدية مثل UBS4 ، Westcott & Hort والترجمات النقدية الحديثة مثل NET Bible ونص الأغلبية Byzantine Textform


والعديد والعديد من النصوص الأخرى ، فقد جمع الباحث فادى اليكساندر 260 نص من الكتاب المقدس فى إثبات عقيدة الثالوث أوردهم فى 15 صفحة ، وكان منهجه تجميع نصوص تقول بلاهوت الآب , تجميع نصوص تقول بلاهوت الابن , تجميع نصوص تقول بلاهوت الروح القدس , ثم تجميع نصوص تقول بمساواة الأقانيم , وفي النهاية تجميع نصوص تقول بوحدانية الله .


+ فادى اليكساندر: المدخل إلى علم النقد النصى للعهد الجديد ، ص 364 : 379


وهذا ما دفع علماء النقد النصى قبول عقيدة التثليث والتوحيد والايمان بها ، على الرغم من رفضهم للآية الواردة فى ( 1 يو 5 : 7 ) فمثلاً يقول العالم النقدى الشهير بروس متزجر Bruce Metzger فى حواره مع الصحفى لى ستروبل Lee Strobel :


[ ثم أثرت أهم مسألة :"كم عدد تعاليم و عقائد الكنيسة المعرضة للخطر بسبب هذه الإختلافات؟".


فأجاب بثقة :"أنا لا أعرف أى عقيدة معرضة للخطر".


فقلت له :"ولا واحدة؟"


فكرر قائلاً :"ولا واحدة. إن شهود يهوه يأتون إلينا قائلين: إن إنجيلكم به خطأ فى ترجمة الملك جيمس فى رسالة يوحنا الاولى 5: 7 – 8 , حيث تتحدث عن الآب و الكلمة و الروح القدس و هؤلاء الثلاثة هم واحد , ثم يقولوا هذا الكلام غير موجود فى المخطوطات الأولى.


وهذا فعلاً صحيح , و أظن ان هذه الكلمات موجودة فى سبع او ثمان نسخ فقط و كلها من القرن الخامس عشر او السادس عشر , إنى اعترف ان هذا ليس جزءاً مما أُوحى الى يوحنا الاول بكتابته .


لكن هذا لا يلغى الدليل الذى شوهد بحزم فى الإنجيل بالنسبة لعقيدة الثالوث الأقدس , فعند معمودية يسوع يتحدث الآب و إبنه المحبوب يُعمّد و الروح القدس يحل عليه. و فى نهاية رسالة كورنثوس الثانية يقول بولس: نعمة ربنا يسوع المسيح , و محبة الله , و شركة الروح القدس مع جميعكم , آمين. و هناك العديد من المواضع حيث يُذكر فيها الثالوث الأقدس".


فسألته :"و بذلك فإن الإختلافات , التى يتحدثون عنها , تُعتبر أقل من أن تكون جوهرية؟".


"نعم , نعم , هذا صحيح , و العلماء يعملون بعناية شديدة لمحاولة تبديدها بالرجوع الى المعنى الأصلى. فأهم هذه التغييرات لا تُسقط اى عقيدة من عقائد الكنيسة. و أى نسخة جيدة للكتاب المقدس بها مذكرات فى الحاشية لتنبيه القارىء الى القراءات المختلفة لأى نتيجة , و لكن مرة أخرى فهذه الحالات نادرة". ]


+ لى ستروبل: القضية المسيح ، ترجمة: سعد مقارى ، ص 83 ، 84


ونفس الكلام يقوله العالم النقدى الشهير Daniel B. Wallace :


[ اخيراً، و عن 1 يوحنا 5 : 7 - 8، فعملياً ولا ترجمة حديثة للكتاب المقدس تحتوى على الصيغة الثالوثية، إذ أن العلماء أدركوا لقرون أنها إضافة متأخرة. مخطوطات قليلة جداً فقط و متأخرة تحتوى على هذه الأعداد. بل إن الفرد يتعجب لماذا تمت مناقشة هذا النص فى كتاب ايرمان. السبب الوحيد الذى يبدو لذلك هو إشعال الشكوك. هذا المقطع دخل الى كتبنا المقدسة عن طريق ضغط سياسى، و ظهر لأول مرة فى عام 1522، رغم ان العلماء فى ذلك الوقت و الآن عرفوا بأنه غير أصلى. الكنيسة الأولى لم تكن على علم بهذا النص، لكن مجمع القسطنطينية فى عام 381، أكد على الثالوث بوضوح! كيف يُمكنهم ان يقوموا بذلك دون إلإستفادة من نص لم يدخل للعهد الجديد اليونانى الا بعد ألفية أخرى؟ بيان مجمع القسطنطينية لم يُكتب من فراغ: لقد وضعت الكنيسة الأولى ما وجدته فى العهد الجديد فى صياغات لاهوتية.


يجب ان نفرق هنا بين أمرين هامين: ليس لأن نص واحد لا يُؤكد عقيدة عزيزة علينا، أن هذا يعنى بان هذه العقيدة غير موجودة فى العهد الجديد. فى هذه الحالة، فإن اى فرد فاهم للمناظرات الآبائية الغنية حول الإلوهية، يعرف أن الكنيسة الأولى وصلت لفهمها عن طريق فحص بيانات العهد الجديد. الصيغة الثالوثية الموجود فى المخطوطات المتأخرة فى 1 يوحنا 5 : 7 لخصت فقط ما وجدوه، لكنها لم تؤسس تصريحاتهم. ]


+ دانيال والاس: الانجيل بحسب بارت ، ترجمة: فادى اليكساندر ، تجدونه على هذا الرابط


http://scholarly-faith.blogspot.com/2009/06/blog-post_23.html

فآباء الكنيسة الأوائل لم يعرفوا هذه الآية ومع ذلك نجدهم آمنوا بعقيدة التثليث والتوحيد و وضعوا كتباً فى شرحها ، ولقد قام العلامة إدوارد برتون Edward Burton بعمل كتاب قيم جمع فيه شهادات وشروحات آباء الكنيسة الذين عاشوا قبل مجمع نيقية للتثليث والتوحيد ولاهوت الروح القدس وكان الكتاب بعنوان :


Testimonies of the Ante-Nicene Fathers to the doctrine of The Trinity and of the Divinity of The Holy Ghost


و وضع كتاباً أخر عن شهادات وشروحات آباء الكنيسة الذين عاشوا قبل مجمع نيقية عن لاهوت المسيح تحت عنوان


Testimonies of the Ante-Nicene Fathers to the Divinity of Christ


( سأضع الكتابين قريباً على المدونة إن شاء الله )


وعن الكتب العربية التى ناقشت شهادات الآباء و شروحاتهم للتثليث والتوحيد الكتاب القيم المُترجم للعربية


توماس ف. تورانس: الايمان بالثالوث ـ الفكر اللاهوتى الكتابى للكنيسة الجامعة فى القرون الأولى ، ترجمة: د. عماد موريس اسكندر


إذاً آباء الكنيسة الأوائل آمنوا بالثالوث على الرغم من عدم معرفتهم هذه الآية ، فالايمان لم يتغير ، ما آمنت به الكنيسة فى الماضى هو نفسه ما تؤمن به فى الحاضر .


والآن بعد أن اتضح لنا أن علم النقد النصى قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن رسالة الانجيل لم تتغير منذ أن كُتبت حتى الآن ، فحتى الآن لم تخرج علينا مخطوطة كاملة للعهد الجديد أو لأى انجيل من الاناجيل الأربعة ونجد رسالتها تختلف عن الانجيل الحالى ، بل أثبت علم النقد النصى أيضاً أننا نستطيع أن نصل للنص الأصلى للإنجيل بدقة كبيرة جداً يقول العالم بارت إيرمان ( اللا أدرى ) :


[ بالرغم من هذه الإختلافات الملحوظة ( يقصد الاختلافات بين المخطوطات ) ، فإن العلماء مقتنعين بأننا نستطيع إعادة تكوين الكلمات الأصلية للعهد الجديد بدقة معقولة، رغم أنها لا تصل إلى 100 % ، و أول خطوة نقوم بها هى تحديد أنواع التغييرات التى قام بها النساخ فى نصوصهم ]


+ Bart D. Ehrman : The New Testament: A Historical Introduction To The New Testament, 3rd Edition , p. 415


ورغم أنه يقول أننا لن نصل إلى النص الأصلى بنسبة 100 % إلا أنه يقول عن النص الذى سنصل إليه :


[ هذا الشكل الأكثر قدماً من النص هو بلا شك متصل بشكل وثيق ( وثيق للغاية ) بما كتبه المؤلف في الأصل ، و لذلك فهو بمثابة الأساس لتفسيرنا لتعاليمه الخاصة . ]


+ Bart D. Ehrman : Misquoting Jesus: The Story Behind Who Changed the Bible and Why , 1st edition, p. 62


هذه هى شهادة إنسان غير مسيحى يؤكد أن النص الذى نستطيع الوصول إليه من خلال علم النقد النصى هو قريب جداً من النص الأصلى الذى كتبه المؤلف ، نفس الكلام يذكره عالم إنجيلى ألا وهو العالم الشهير دانيال والاس حيث يقول :


[ نص العهد الجديد كان مُستقر بشكل عجيب عبر القرون. نستطيع قياس حالة الإستقرار هذه، ببيان الإختلافات بين النص اليونانى الذى يقف خلف ترجمة الملك جيمس (المعروف بإسم النص المُستلم Textus Receptus و يُختصر إلى TR) ، و النص اليونانى الذى يقف وراء الترجمات الحديثة للعهد الجديد. فرغم أن ترجمة الملك جيمس عمرها يتجاوز الربعمائة عام، فقد استندت إلى مخطوطات متأخرة على نحو هام، أكثر من الترجمات الحديثة. لذلك فهى تُمثل نص قد نما عبر القرون. و رغم ذلك، فهناك خمسة آلاف إختلاف فقط بين النص المُستلم، و نص الإصدار السابع و العشرين لـ "نيستل – آلاند". بكلمات أخرى، الإصداران يتفقان معاً فى أكثر من 96 بالمئة. هناك طريقة أخرى للنظر فى هذا الأمر، إستقرارية نص العهد الجديد، و هى النظر فى طبيعة القراءات النصية. كل القراءات النصية يُمكن تصنيفها فى ثلاث مجموعات: قراءات غير هامة لمعنى النص، قراءات هامة (أو لها معنى) و لكن غير تطبيقية، و قراءات لها معنى و تطبيقية (نقصد بـ "تطبيقية"، أنها تحتمل إدعاء الأصالة). الغالبية العظمى من القراءات النصية تنتمى للمجموعتين الأولى و الثانية ]


+ Daniel B. Wallace, Laying A Foundation: New Testament Textual Criticism, In: Interpreting The New Testament Text: Introduction To The Art & Science Of Exegesis, Edited By Darrell L. Bock & Buist M. Fanning, CrossWay Book: USA 2006, p. 34


نقلاً عن فادى اليكساندر: شهادة العلماء لسلامة النص ، تجدونه على هذا الرابط


http://scholarly-faith.blogspot.com/2009/09/blog-post_03.html

وبالتالى فإن علماء النقد النصى المسيحيين وغير المسيحيين مقتنعون أن النص الذى بين أيدينا الآن هو نفسه النص الأصلى للإنجيل بدرجة كبيرة جداً .


والآن نأتى لمعنى التحريف ، فما معنى التحريف ؟


يقول ابن منظور :


[ وحَرَفَ عن الشيء يَحْرِفُ حَرْفاً وانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ واحْرَوْرَفَ: عَدَلَ. الأَزهري. وإذا مالَ الإنسانُ عن شيء يقال تَحَرَّف وانحرف واحرورف؛ وأَنشد العجاج في صفة ثور حَفَرَ كِناساً فقال: وإنْ أَصابَ عُدَواء احْرَوْرَفا عنها، وولاَّها ظُلُوفاً ظُلَّفا أَي إِن أَصابَ مَوانِع. وعُدَواءُ الشي: مَوانِعُه. وتَحْرِيفُ القلم: قَطُّه مُحَرَّفاً. وقَلمٌ مُحَرَّفٌ: عُدِلَ بأَحد حَرفَيْه عن الآخر؛ قال: تَخالُ أُذْنَيْهِ، إذا تَشَوَّفا خافِيةً أَو قَلَماً مُحَرَّفا وتَحْرِيفُ الكَلِم عن مواضِعِه: تغييره. والتحريف في القرآن والكلمة: تغيير الحرفِ عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود تُغَيِّرُ مَعانَي التوراة بالأَشباه، فوصَفَهم اللّه بفعلهم فقال تعالى: يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضعه. ]
+ ابن منظور: لسان العرب ، مادة (حرف)
إذاً معنى التحريف هو الإنحراف عن الأصل كما نقول على الشاب أنه انحرف أى كان مؤدباً ومهذباً ثم انحرف عن هذا الأصل فصار طالحاً فاسداً ، فالتحريف هو الإنحراف عن الأصل وهذا المعنى هو ما يقصده القرآن ، فالقرآن عندما اتهم الانجيل بالتحريف لم يقصد تغيير ألفاظ وإنما تغيير رسالة ، أى أن الانجيل كان ينادى بأن المسيح إنسان نبى عادى ثم صار ينادى بأنه هو الله الظاهر فى الجسد ، أو أنه كان ينادى بأن المسيح لم يصلب ثم صار ينادى بصلب المسيح ...

فهل تغيرت رسالة الانجيل حقاً ؟

بالتأكيد لا ، وهذا ما أكده علم النقد النصى وقد شهد بذلك علماء ذلك العلم كما ذكرنا سابقاً ، يقول العالم النقدى موريس روبينسون Maurice Robinson :
[ أى زعم يُوحى ان غياب الأصول المادية يُساوى غياب الموثوقية النصية او السلطة الكتابية هو زائف. نُسخ المخطوطات التى نمتلكها تبقى مُتطابقة مع الأصول، بشكل جوهرى. كما برهنت فى بحثى، أقدم بردية موجودة (ليست بيزنطية)، إذا قُورنت مع نص مخطوطات الحروف الصغيرة البيزنطية التى نُسخت بعدها بألف عام، فإنهما يحتويان على تطابق حرفى بنسبة 92 %، بما فيهم الأخطاء النسخية و الخلافات التى لا يُمكن ترجمتها. بوجود نسبة ضخمة من النص المُشترك، حتى بعد مرور ألفية من الإنتقال النصى، فإنه من الواضح ان نص الأصول محفوظ جوهرياً، حتى بداخل النُسخ المتفاوتة التى تُمثل تقاليد نصية مختلفة قليلاً. و بنفس القاعدة، فإن الشك ينبع بصعوبة حول هل نص الأصول قد حُفظ بشكل مُماثل خلال الفترة القصيرة جدا بين كتابة الأصول و أقدم المخطوطات المتوفرة. المُلاحظات التناقلية تُوحى بموثوقية تاريخ الإنتقال خلال الفترة القصيرة التى لا يتوفر بها دليل. بالإضافة الى ذلك، كل المبادىء العقيدية موجودة بشكل واضح فى نسبة متوسط النص الأساسى 92 %. لا يُوجد عقيدة أُثبتت او أُبطلت فى النسبة المُتبقية 8 %، حيث تُوجد الإختلافات. ايضاً، غالبية القراءات هى صغرى و بشكل عام هى إسلوبية فى طبيعتها. اذا أستبعدنا الأخطاء النسخية الغير المُترجمة، و الإسلوبية الثانوية، فإن الإتفاق الكامل بين أقدم المخطوطات و أكثرها تأخراً سيتضح جوهرياً. الوثائق المتوفرة تُمثل الأصول فى كل النقاط المبدئية بدقة. و النص الذى نمتلكه الآن كافى و واقعى لإثبات و تأكيد كل المواقف العقيدية التى قامت بها المسيحية المُستقيمة ]


يقول الباحث فادى اليكساندر :

[بدايةً، لا يوجد كتاب فى التاريخ لا يوجد فى مخطوطاته أخطاء، أى لا يوجد كتاب فى التاريخ تمت كتابته بخط اليد و كل نسخه متطابقة بنسبة مئة فى المئة. هل هذا يعنى أن كل الكتب تم تحريفها؟ بالتأكيد، بل نحن نسمى ما نعتقد أنه ليس صحيحاً بأنه خطأ. لكننا لكى نقول على كتاب ما أنه قد تحرف، فإننا نقول بأنه تغير عن وجهه الأصلى. هذا يعنى أن كل ما يمثل هذا الكتاب أصبح متغيراً عن الأصل. لو أننى لدىّ نسخة من كتاب و غيّرت فيها كما يحلو لى، فمازال هناك نسخ أخرى صحيحة تحتوى على الشكل الصحيح للنص. فلو أننا لدينا فى مخطوطة معينة قراءة نعتقد أنها خاطئة، لكننا نجد قراءة نعتقد أنها صحيحة فى مخطوطات أخرى، إذن شكل النص الصحيح لم يضيع. الكتاب يكون تحرف فقط إذا إختفى الشكل الأصلى للكتاب من الوجود و حل محله شكل آخر للكتاب جديد يختلف عن الشكل الأصلى للكتاب. هذا المفهوم ينطبق على أى كتاب و أنا لا أتحدث هنا عن الكتاب المقدس على نحو خاص.]


[بإختصار، تحريف كتاب ما، أى كتاب، يكون بأن يزول شكله الأصلى تماماً، ثم يحل محله شكل جديد مختلف تماماً عن الشكل الأصلى. ]


[هل ضاع الشكل الأصلى للعهد الجديد؟ لا. هل حل محله شكله آخر جديد؟ لا. هل ضاع المحتوى الأصلى للعهد الجديد؟ لا. هل حل محله محتوى آخر جديد؟ لا. إذن، هل تحرف العهد الجديد؟ هل مال العهد الجديد عن وجهه الأصلى؟ هل انحرف عن مساره الأول؟ هل تغير على نحو مختلف آخر؟ إجابتى لكل هذه الأسئلة هى لا. ليست إجابة ناتجة عن ايمان، بل ناتجة عن دراسة و تعب و إجتهاد لسنين لتاريخ نص العهد الجديد. ]


[هل هناك من يستطيع أن ينقد هذا الإحتجاج منطقياً دون أى تأثير لدوافع ايمانية؟ ]

+ فادى اليكساندر: هل تحرف العهد الجديد ؟ ، وتجدونه على هذا الرابط



أفبعد كل هذا يخرج علينا من يقول أن الانجيل تحرف ؟؟؟!!!

الأربعاء، 2 فبراير 2011

مارتن لوثر

وجدت العديد من الناس ينسبون لمارتن لوثر أفكاراً ليست أفكاره ، فمثلاً نجد إنسان يقول إن مارتن لوثر لم يكن يؤمن بالمعمودية أنها وسيلة من وسائل الخلاص أو أنها تمنح الميلاد الجديد ، وآخر يقول أن لوثر رفض الافخارستيا .. فهل هذا الكلام صحيح ؟

لدى بين يدى الآن كتاب " أصول التعليم المسيحى ـ الكتاخيسمس الصغير " لمؤلفه مارتن لوثر ، وقام بترجمة الكتاب المركز اللوثرى للخدمات الدينية فى الشرق الأوسط ببيروت ـ لبنان 


يقول عن المعمودية (ص 22)
 يقول عن الافخارستيا (ص 26)
هذا هو معتقد المُصلح الانجيلى مارتن لوثر ...