الثلاثاء، 8 فبراير 2011

صحة القيامة (1) - ما الذى غيرهم ؟




قرأت بعض الكتب التى تتحدث عن أهمية وقوة الاختبار المسيحى كان أخرها كتاب جوش مكدويل " ثقتى فى الاختبار المسيحى " الذى ترجمه الدكتور القس منيس عبد النور ، ورغم أن الكتاب أورد العديد من الاختبارات الجميلة إلا أنه لم يورد أهم إختبار ألا وهو إختبار التلاميذ ، يفتتح المؤلف فصله الأول من الكتاب بمقولة برنارد رام Bernard Ramm فى كتابه Protestant Christians Evidences :


[ كل شئ حقيقى يحدث يجب أن يمس الحياة والاختبار مساً مباشراً .. ونشك فى أنه كان يمكن أن يكون للمسيحية كل هذا التأثير الذى لها على ملايين الناس ، لو أنها لا تمس الحياة والاختبار مساً مباشراً . إن للمسيحية براهينها الفقهية والفلسفية ، ولكن برهانها الأعظم هو تأثيرها القوى فى الاختبار البشرى ]


فعلاً فلو لم تكن القيامة حدثاً حقيقياً ما كان لها هذا التأثير على التلاميذ ، فنرى الشكاك والهارب والناكر صاروا شجعان مكرزين بالقيامة مقدمين حياتهم لما يكرزوا به ، فلا يمكن أن يكون سبب تحولهم هذا وهم أو خيال !!!


هذا هو الدليل فى نظرى على صحة القيامة ، فلا توجد إجابة منطقية مقنعة أخرى غير التى قدمناها لهذا السؤال ما الذى غيرهم ؟


قدم وليام لين كريج أربعة حقائق تتعلق بقيامة المسيح كانت الحقيقة الرابعة هى :


[الحقيقة الرابعة و الأخيرة: التلاميذ تحولوا بشكل مفاجىء و مخلص إلى الإعتقاد بأن يسوع قد قام من الموت، بدلاً من أن يكون لديهم إستعداد تام لقبول العكس.

أنظر إلى الموقف التالى الذى واجهه التلاميذ بعد صلب يسوع:

• لقد مات قائدهم، و التوقعات اليهودية المسيانية لم تنبأ بمسيحا يُعدَم عاراً بواسطة أعداء اسرائيل، بدلاً من أن ينتصر عليهم.


• بحسب شريعة العهد القديم، فقد كان إعدام يسوع بهذا الشكل يعنى أنه مهرطق، ملعون من الله.


• الإعتقاد اليهودى فى الحياة بعد الموت، يستقصى قيامة أى شخص من الموت إلى المجد و الخلود قبل القيامة العامة من الموت فى نهاية العالم.


و مع ذلك، أصبح التلاميذ معتقدين بقوة أن الله أقام يسوع من الموت، حتى أنهم كانوا مستعدين للموت عن هذا الاعتقاد. ]


+ وليام لين كريج: هل قام يسوع حقاً من الموت ، ترجمة فادى اليكساندر  

حسناً نعود لنحاول أن نجيب على السؤال ما الذى غيرهم ؟


هم (أى التلاميذ) أجابوا على هذا السؤال قائلين أن المسيح قام من بين الأموات فإما أن نصدقهم أو أن نجد تفسيراً منطقياً أخر لسبب تغيرهم ، وإن لم نجد فعلينا أن نقبل إجابة التلاميذ .


حاول الناس منذ القدم تقديم تفاسير لسبب تغير التلاميذ ويمكننى أن أقسم هذه التفاسير إلى قسمين :


الأول : هو أن التلاميذ خُدعوا حين وجدوا القبر فارغاً .


وحاولوا تفسير القبر الفارغ بأن يوسف الرامى نقل الجسد دون علم التلاميذ فظنوا أن المسيح قام ، بل واختلفوا أصحاب هذا التفسير فيمن نقل الجسد فأحياناً يقولون يوسف الرامى وأحياناً الجند الرومان وأحياناً اليهود أنفسهم ، والبعض يقول أن النسوة أخطأن القبر فذهبوا لقبر فارغ وأشاعوا قيامة المسيح .


الثانى : هو أن التلاميذ خدعوا الجميع بسرقة الجسد .


وهنا هم يفسروا القبر الفارغ بأن التلاميذ سرقوا الجسد ثم أشاعوا بين الناس أن المسيح قام من بين الأموات ، وهذا هو أقدم تفسير نقدى للقبر الفارغ فقد نادى به الحراس [ إِذَا قَوْمٌ مِنَ الْحُرَّاسِ جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ بِكُلِّ مَا كَانَ فَاجْتَمَعُوا مَعَ الشُّيُوخِ، وَتَشَاوَرُوا، وَأَعْطَوُا الْعَسْكَرَ فِضَّةً كَثِيرَةً قَائِلِينَ: " قُولُوا إِنَّ تَلاَمِيذَهُ أَتَوْا لَيْلاً وَسَرَقُوهُ وَنَحْنُ نِيَامٌ. " وَإِذَا سُمِعَ ذلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ، وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ . فَأَخَذُوا الْفِضَّةَ وَفَعَلُوا كَمَا عَلَّمُوهُمْ، فَشَاعَ هذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ]
(متى 28 : 11 - 15)

ويمكننى أن أقدم خمسة أدلة على خطأ هذا التفسير وهم :

1- يقول القديس أغسطينوس عن هؤلاء الجنود [ أنهم إما كانوا نائمين أو مستيقظين ، فلو كانوا مستيقظين لما سمجوا بسرقة الجسد ، ولو كانوا نائمين لما أستطاعوا أن يحكموا لما أستطاعوا أن يحكموا بأن الجسد قد سُرق ، وأن سارقيه هم التلاميذ . فإن النائم لا يدرى بما يحدث من حوله ! إنها أكذوبة تهدم نفسها ، إذ أن نصفها الأول يُكذب نصفها الثانى لأن الحراس النائمين لا يمكنهم معرفة ما حدث . لقد كان العذر الذى ساقه العسكر عذراً سخيفاً ، فكيف ينام كل الحراس ؟ وكيف ينامون كلهم ونوبة الحراسة هذه هامة لأن هناك تحذيراً مسبقاً من إحتمال سرقة الجسد ؟ ]


+ جوش مكدويل: برهان يتطلب قراراً ، ص 285


2- كيف استطاعوا أن يحركوا الحجر الثقيل دون أن يستيقظ الحراس ؟؟!!


3- دعونا نفكر بالمنطق فإن التلاميذ الذين هربوا وأحدهم أنكر معرفته بالمسيح يتحولوا فجأة لشجعان يقرروا سرقة جسد معلمهم من القبر الذى يحرسه الجند الرومان الأقوياء ويكسروا الختم التى كانت عقوبة كسره القتل فى وضع مقلوب ؟؟!! إن هذا الكلام يجعلنا نسأل ما الذى غيرهم ؟


4- احتمل التلاميذ كل تعذيب لأجل بشارة القيامة ، حتى الموت ، ومع ذلك لم يتراجع واحد منهم أمام التعذيب ليعترف أن القصة ملفقة ؟؟!! لقد احتملوا كل ضرب وجلد وسجن وجوع وموت دون أن ينكر أحدهم حقيقة القيامة !!


5- من سيسرق الجسد ما الذى يجعله أن يفك الأكفان الملتصقة بالجسد ويضعها مرتبة مكان الجسد ؟؟ يقول القديس يوحنا ذهبى الفم أن الذى يسرق كان سيأخذ الجسد ملفوفاً بأكفانه ، لا لكى يستر الجسد العزيز عليه بل ليسرع بالجسد ملفوفاً حتى لا يلقوا بالقبض عليه . إن المر يُلصق الكفن بالجسم ، فلم يكن هناك وقت لتخليص الجسد من كفنه ، إن قصة سرقة الجسد غير معقولة .


+ جوش مكدويل: مرجع سابق ، ص 286 : 287


6- رغم أن هذه النظرية نادى بها اليهود منذ القدم إلا أنهم تراجعوا عنها فى الأونة الأخيرة يقول ألفريد إيدرشيم ( اليهودى الذى صار مسيحياً ) أن الكتاب اليهود استبدلوا نظرية سرقة الجسد بنظرية الرؤيا Vision Hpothesis


+ Alfred Edersheim: Jesus The Messiah, P. 633


( سأناقش هذه النظرية والرد عليها مترجماً رد العالم وليام لين كريج فى مقال سينشر قريباً إن شاء الله )


يقول ولبر سميث أن كثيرين من علماء اليهود اليوم يرفضون فكرة سرقة التلاميذ للجسد بما فيهم كلاونز اليهودى الذى قال أن التلاميذ كانوا أشرف من أن يأتوا بمثل هذه الخديعة .


+ جوش مكدويل: مرجع سابق ، ص 289


إذن التفسير الثانى غير مقبول فماذا عن التفسير الأول ؟؟


يُتبع فى الجزء الثانى من السلسة [ صحة القيامة (2) – القبر الفارغ ] سُينشر قريباً جداً بإذن الله .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق