الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013

صموئيل طلعت يكتب: خلاص غير المسيحيين

اتصل بي أحد الأصدقاء بالأمس يسألنى هل يخلص غير المسيحيين؟ وأجبته إننا لسنا آلهة لكى نحكم على الناس، هذا يدخل الملكوت وهذا يذهب إلى الجحيم. وقد قلتُ ذات مرة فى جلسة حوارية: "يمكن لأى إنسان أن يعرف الله ويتعامل معه، لكن ما تهبه المسيحية هو الاتحاد بالله." فكيف سيدين الله إنسان مثل المهاتما غاندى، الذى أحب الله فى خليقته؟ لستُ أدرى.

فإذا نظرنا فى اللاهوت المعاصر لوجدنا أن معظم اللاهوتيين الكاثوليك واللاهوتيين الانجيلين الكبار وبعض من اللاهوتيين الأرثوذكس هم شموليون. والشمولية تعنى أن ثمة حقيقةً وخلاصًا عند الآخرين وفي أديانهم، ولكن ليس باستقلال عن المسيح. فالمسيحية، في شكل أو في آخر، تشمل الأديان الأخرى، وتشمل الحقَّ والخلاص فيها. أو على حد تعبير المجمع الفاتيكانى الثانى "نحن نؤمن بأنَّ المسيحيّة تملك الحقيقة المطلقة كاملةً في يسوع المسيح، أمّا باقي الأديان فتحمل قبسًا من شعاع الحقيقة الّتي تنير لجميع النّاس" (المجمع المسكوني الفاتيكاني الثّاني، تصريح عن علاقة الكنيسة بالدّيانات غير المسيحيّة، رقم2). ونادى الأب اليسوعى كارل راهنر أن كلُّ من يحيا بصدق وإخلاص، بحسب النور المعطى له من الله، بحسب ضميره الصالح، هو "مسيحى غير مسمَّى (مجهول الاسم)"، فهناك إيمان ضمني خارج الكنيسة، موقف راهنر ليس في النهاية تعدُّديا أو نسبيًّا، لأنه يصرُّ على أن المسيحية هي الدين المطلق للجميع؛ وما هو مجهول الاسم وغير منظَّم ومبعثر وضمني عند الآخرين قد كُشِفَ كليًّا وصراحةً في يسوع وفي الكنيسة. وعندما تسنح الفرصة، ينبغي على المؤمن الضمني أن يصير مؤمنًا صراحةً، وينضمَّ إلى الكنيسة، حيث ينعم بالحقيقة الكاملة.

وهذا الموقف ليس جديدًا بل نجد ظله فى كتابات الشهيد يوستينوس الذى نادى بـ "بذور الكلمة" التى نجدها عند الذين لم يعرفوا المسيح. وإيربناؤس يتحدث عن الذين لم يعرفوا المسيح، لكنهم عاشوا بمحبة الله ومخافته، ومارسوا البرَّ والتقوى تجاه الله والقريب، فهم سينالون الملكوت أيضًا. لكن كلا الاثنان يتحدثان عن الذين عاشوا قبل مجئ السيد المسيح لا من أتى بعده ولم يؤمن به. فهل ما نادى به يوستينوس وايريناؤس مبدأ نطبقه فى كل زمان؟ أى أن من عاش بمحبة الله ومخافته، ومارسوا البرَّ والتقوى تجاه الله والقريب، هل سينال الملكوت أيضًا؟؟ لستُ أدرى.

ما كتبته فى هذا المقال هو دعوة للتفكير ...