مقدمة
اختتمت مؤخرًا قراءة كتاب «المرأة والتناول» للراهب
يوئيل المقاري. الكتاب مِن إصدار دير القديس الأنبا مقار، وقد نُشرت الطبعة الأولى
مِنه عام 2016م، ويقع في ثماني وثمانين صفحةً.
الكتاب رغم مناقشته قضية هامة إلا أنه على غير المتوقع أبعد
ما يكون عن المنهج الأكاديميّ؛ فهو أقرب للمذكرات الدراسية أو التجميعات الطلابية
عن كونه بحثًا أو كتابًا ! فهو عبارة عن تجميعٍ لآراء المعاصرين والغابرين.
إلا أنّ الخدمة الجليلة التي قدمها ذلك الكتاب هي تلك
الحالة مِن النقاش والجدل التي وُجدت داخل المجتمع القبطي. فسرعان ما نشر أحد
أعضاء رابطة تُعرف بـ «حماة الإيمان» ردًا على الكتاب يُدعى مينا أسعد كامل، وقد
جاء رده ضعيف البيّنة، لا يخلو مِن اعتساف.
لذلك وجدنا أنه مِن الضرورةِ أن نكتب تعليقًا على ذاك
الرد الذي نُشر عليه، وليس هدفنا مِن هذا التعليق الدفاع عن الراهب المذكور وعن
كتابه بل مناقشة تلك القضية التي تُثار بين فينة وأخرى، على أن يتبع تعليقنا هذا
بحثًا عن رؤيتنا اللاهوتية في تلك القضية.
تمهيد
نشر مينا أسعد كامل بحثًا يورد فيه الأخطاء التي اقترفها
الراهب يوئيل المقاري في كتابه المومأ إليه، يقع بحثه في أربعة وأربعين صفحةً. وقد
جاهد في بحثه ليثبت خطأ الراهب، لكن لسوء طالعه أننا اطلعنا على بحثه، وتبيّن لنا
سقاطاته المتكررة؛ فعلى الرغم أن الكتاب بالأساس يناقش قضية هامة ألا وهي ”تناول المرأة
الحائض“ إلا أن صاحب
الرد قد خصص أربع صفحات كاملات للرد على عبارة عابرة للمطران جورج خضر عن وراثة
الخطية الجدَّية ![1]
بل ازداد تعجبنا حينما وضع مِن بين أخطاء المطران جورج خضر قوله ”أن دم المسيح
ليس دمًا بيولوجيًا يختلط بدمنا“ ! فهل يؤمن مدرس اللاهوت الدفاعي بالتحول البيولوجيّ
للخبز والخمر؟![2]
إلا أن النقد الرئيسي الذي لا بد أن يوجه لصاحب الرد هو
تصويره للقارئ أن الرأي الجامع المانع للأباء الأولين هو عدم تناول المرأة الحائض،
وهو أمرٌ غير صحيح، فقد كانت آراء الأباء منقسمة بين جائزٍ ومانعٍ لتناول المرأة الحائض؛
فالبابا أثناسيوس الرسولي والدسقولية أجازا تناول المرأة الحائض بينما في الجهة
المقابلة نجد البابا ديونسيوس والبابا تيموثاوس الأول قد منعوا الأمر. فأي الرأيين
نقبل وكلاهما أبائيان؟
إن ما كتبناه ليس الغرض مِنه الدفاع عن أحد أو الهجوم
على أحد آخر، بل إن غرضنا هو تبيّان منهج هؤلاء الذين يدعون أنهم حماة الإيمان
وشارحيه، ومنهجهم أبعد ما يكون عن روح الأكاديمية وأخلاقياتهم أبعد ما تكون عن روح
المسيحية. فيحزننا ما نجده في مطاوي كلامهم مِن إتهامات يكيلونها بلا سند، وسبابٍ
يطلقونه بلا خجل، فنجدهم يصفون كلام هذه بـ ”الهراء“ وأفكار هذا بـ ”الانحرافات
العقائدية“. وعادة ما نستشف مِن وراء ألفاظهم نغمة سخرية وتهكم لا تليق بمَن يناقش
أسرار الألوهة، ويدعي أنه يحاول أن يمحي الذنب بالتعليم، فأي تعليم في هذا المنهج
وفي تلك الأخلاقيات !
ملحوظة: كل ما وضعناه ما بين معكوفتين [...] في
الاقتباسات النصية هي اضافات مِنا للتوضيح وليست مِن متن النصوص المقتبسة. وقد
اختصرنا لقب «القديس» إلى «ق.» فوجب التنويه.
لتحميل البحث (اضغط هنا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق