لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية الشهادات الآبائية لنص العهد الجديد ، فإنه هناك أكثر من مليون اقتباس آبائى لنصوص العهد الجديد وحسب دراسات العلماء فإنه يمكن بناء نص العهد الجديد كاملاً من اقتباسات آباء الكنيسة فقط دون الرجوع لمخطوطات العهد الجديد [1] ، وتلك الشهادات هى التى تربط علم النقد النصى بعلم الباترولوجى.
أهمية كتابات الآباء
ستجدون فى أى كتاب لعلم النقد النصى يضع ثلاث مصادر لنص العهد الجديد هم :
1ـ المخطوطات اليونانية
2ـ الترجمات القديمة
3ـ الاستشهادات الآبائية
وكما تلاحظون فإن الاستشهادات الآبائية هى المصدر الثالث ، على الرغم من أهميتها الكبرى ، يقول إيرمان أنه من بعض النواحى فإن الاستشهادات الآبائية أفضل من المخطوطات والترجمات[2] ، هذه النواحى يمكن أن أوضحها فى النقاط التالية:
1ـ المصادر الآبائية يمكن تأريخها بدقة [3]
2ـ تساعد فى تأريخ الانتقال النصى (فمثلاً الدراسة الكاملة للاستشهادات آباء إسكندرية مثل كليمندس ، أوريجانوس ، ديديموس ، أثناسيوس ، كيرلس السكندرى تعرض تطور نص العهد الجديد على مدى 400 عام.) [4]
3ـ لها أهمية كبيرة فى بناء أقدم شكل لنص العهد الجديد.[5]
وعلى الرغم من تلك المميزات إلا أنه هناك مشاكل هى التى دفعت العلماء لجعل الاستشهادات الآبائية هى المصدر الثالث وليست على درجة كبيرة من الاعتبار مثل المخطوطات والترجمات القديمة ، تلك المشاكل هى:
1ـ طريقة اقتباس الأب للنص الكتابى ، فغالباً ما كان الآباء يستشهدون بالنص من ذاكرتهم دون الرجوع للنص المكتوب فى المخطوط ، ولذلك قسم الدارسين الاقتباسات الآبائية إلى ثلاث (1) اقتباس حرفى (2) اقتباس جزئى ( جزء من النص ) (3) اقتباس حر ( أى أن يحرر الكاتب النص كما يشاء بأسلوبه ) [6] .
2ـ عدم ذكر مصدر النص الكتابى فى الاستشهاد ، فغالباً ما يقتبس الأب النص الكتابى سابقاً إياه بجمل مثل (كما يقول المخلص) أو (القديس الرسول) أو (بطرس المبارك) دون تحديد سفر بعينه ، مما يولد مشكلة لدى العلماء فى معرفة مصدر الاقتباس خاصةً فى الاناجيل الازائية. [7]
3ـ تاريخ انتقال كتابات الآباء ، فمن الملاحظ أن النساخ المتأخرين كانوا يحاولوا تدقيق الاقتباسات الآبائية ، فأصول كتابات الآباء قد فُقدت وما وصل إلينا هو نُسخ عن تلك الأصول ، وتلك النسخ يجب أن تخضع لقواعد النقد النصى قبل الاستشهاد بها ، فنحن بحاجة لإصدارات نقدية لكتب الآباء ، وهذا ما بدأ فى الأونة الأخيرة فعلى مستوى الانجليزية هناك مشروع سلسلة كتب تحت إشراف جوردن دى فى Gordon D. Fee تحت عنوان
The New Testament in the Greek Fathers: Texts and Analyses
وتم نشر عدة أجزاء من السلسة كان أول جزء هو كتاب إيرمان عن ديديموس الضرير ، أما على المستوى العربى فللراهب القس اثناسيوس المقارى دور جميل فى تحقيق كتابات الآباء مثل الديداكى والمراسيم الرسولية والتقليد الرسولى وغيرها وتجدون تلك الكتب فى دار مجلة مرقس ، يقول العالم ديفيد باركر [ إن الدراسة النقدية لمخطوطات وإنتقال النصوص الآبائية لا يمكن إهمالها من قبل دارسى العهد الجديد ، الاستخدام الحكيم لإستشهادات الآباء يتطلب فهم المشاكل المرتبطة بتلك النصوص ][8]
هذا المقال هو شرح موجز لما يقف مع وضد الشهادات الآبائية ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق