لماذا تجسد الابن الكلمة؟ هناك جوابان طرحهما آباء الكنيسة، الجواب الأول مشروط بسقوط آدم، فلولا السقوط ما كان التجسد، ويبدو في ذلك
الجواب أن التجسد رد فعل لا فعل. بينما الجواب الثاني غير مشروط، فحتى لو
لم يسقط آدم لكان الابن قد تجسد. ففي التجسد اتّحد ابن الله وكلمته أقنوميًا بالطبيعة
البشرية وهكذا تألّهت هذه الطبيعة، يقول القديس اثناسيوس الرسولي: "لقد أخذ لنفسه
جسدًا بشريًا مخلوقًا لكي يُجدده بصفته هو خالقه، فيؤلهه في نفسه." (ضد الأريوسيين
70:2) وهذه هي غاية الخلق: اتحاد الله بالإنسان وما كان لهذا أن يتحقق بدون
التجسد، فسقوط آدم لم يضف إلا آلام المسيح وصلبه، فالتجسد هو غاية الخلق، والصلب هو
نتيجة السقوط.
الله خلق الإنسان مِن منطلق محبته الإلهية، جلبه مِن اللاوجود إلى الوجود
كي يشترك الإنسان في الحياة الإلهية، مِن ثمَّ خلق الله الإنسان على صورته كي يحقق
مثاله، فالصورة هي الإمكانية التي منحها الله للإنسان كي يصير الإنسان مثل الله
بما يناسب طبيعته وهذا ما سيتحقق في حياة الدهر الآتي التي تعلمنا الكنيسة
الأرثوذكسية أننا نحياه في الدهر الآني.
في تجسد الابن الكلمة، وكما تقول ثيئوطوكية يوم الجمعة: "هو أخذ الذي لنا
وأعطانا الذي له"، في هذه العبارة شرح لسر الاتحاد المتبادل بين طبيعة اللاهوت
وطبيعتنا نحن بواسطة الروح القدس، الابن الكلمة أعطانا الذي له، فماذا نحن
بفاعلون؟ أنشعر بالعظمة؟ لا، تجيب الكنيسة: "نسبحه ونمجده ونزيده علوًا".
ناسوت الابن الكلمة كان يحوي البشرية كلها، يقول القديس باسيليوس: "ولكنه
اقتنى البشرية مغروسة فيه ومتحدة به. فقد جمع في نفسه البشرية كلها بواسطة جسده."
(عظة عن الميلاد)، ولذلك فإن ما أُعطى لناسوت الابن أعطى للإنسانية جمعاء،
يقول القديس اثناسيوس: "إن كل ما كُتب فيما يختص بناسوت مخلصنا ينبغي أن يعتبر
لكل جنس البشرية"
اليوم استجاب الإله لإغواء
الإنسان، فاتحد به، صارا واحدًا، تأنس الإله، وتأله الإنسان، إنه سر الحب ...
صموئيل طلعت
أيوب
6/1/2015