اللاهوت Theology ، Theo تعنى الله وLogy تعنى العلم ، فاللاهوت هو علم الإلهيات أو علم الحديث عن الله ، ولا يمكن لمن لا يعرف الله أن يتحدث عنه ، ولذلك أريد أن أقارن بين اللاهوت فى المدرسة اللاهوتية الأولى واللاهوت فى الكليات اللاهوتية الآن ، الآباء كانوا يتحدثون عن اللاهوت لأنهم يعرفون اللاهوت ،كانوا يتحدثون من منطلق حياتهم فى الله ، لم يكن اللاهوت بالنسبة لهم كتاب يُدرس وإنما كان حياة تعاش ، أما الآن فصار اللاهوت علماً دراسياً لا حياة تعاش ، فالآن صرنا نجد لاهوتيين ملحدين !! صار اللاهوت فلسفة فقط فكانت الكارثة أن اللاهوت انفصل عن الروحانيات فخسرنا اللاهوت وخسرنا الروحانيات.
العقيدة هى عبارة عن علاقة بين الإنسان والله والهرطقة هى كسر تلك العلاقة ، لماذا وقف البابا أثناسيوس الرسولى ضد أريوس بقوة ؟؟ ما هى خطورة هرطقة أريوس ؟؟ هل المشكلة كانت أن الأريوسية لا توافق العقل ؟؟ هل كانت كل المشكلة عند القديس أثناسيوس فى عقله فقط أم أنها مست روحه أيضاً ؟؟
بل سأقول لكم جملة خطيرة ، العقيدة التى لا تلمس حياتك الروحية هى ليست عقيدة ، لماذا أخبرنى الله أنه ثالوث ؟؟ ما الذى سأتعلمه من الثالوث فى حياتى الروحية ؟؟ فى الثالوث أتعلم حياة المحبة ، حياة الشركة ، الوحدانية مع التعدد ، الخضوع مع المساواة ، لذلك قال بعض اللاهوتيين أن الكنيسة هى سر شركة ثالوثية ، يقول بول ايفدوكيموف [إن مطلق كنيسة الأقانيم الثلاثة الألهية يمثل الصورة الهادية لكنيسة البشر الأرضية، جماعة الحب المتبادل، ووحدة في المتعدد، ووحدة جميع البشر في طبيعة واحدة تتجمع في المسيح] فالثالوث ليس فلسفة فقط وإنما حياة. عندما أسأل البعض لماذا تجسد الله ؟ يجيبون علىَّ قائلين أن الله عادل ورحيم ، فعدله يستوجب طرد الإنسان ورحمته تستوجب رد الإنسان ، فلا يوجد حل سوى التجسد ، طبقاً لهذا التفسير فإن الله تجسد ليحل مشكلة عنده ، الله تجسد ليوفق بين صفتيه ، أين الإنسان فى هذا التفسير ؟؟!! عندما نقرأ القداس الغريغورى عن سبب تجسد الله ، نجد كل الأسباب تدور حول الإنسان [وأردت أن تجدده (أى الإنسان) وترده إلى رتبته (أى الإنسان) ... صرت لنا (نحن البشر) وسيطاً لدى الآب ، والحاجز المتوسط (بين الإنسان والله) هدمته ، والعداوة القديمة هدمتها ، وصالحت الأرضيين مع السمائيين ، وجعلت الاثنين واحداً ، وأكملت التدبير بالجسد]
إن أعمق القدسات فى الروحانية هو ذلك القداس الذى كتبه القديس غريغوريوس اللاهوتى ، لا يمكن فصل اللاهوت عن الروح ، لا يوجد بناء روحى سليم إلا على عقيدة (علاقة) سليمة.